أصول في عالم الروحانيات

قد يكون العنوان غريب نوعا ما ، لكن أجد نفسي مرغما هذه المرة لا بالحديث عن الأبراج وأنما بتوضيح بعض المفاهيم الخاطئة عن العلوم الروحانية والروحانيين ، فبينما كنت أتصفح في اليوتوب وجدت حلقة من برنامج أسمه (قبل ان تحاسبوا) أثارت من فضولي للمتابعة ودهشتي لغباء الأعداد وركاكة التقديم.
البرنامج تقدمه فتاة مصرية تدعى (بسمة وهبة) ترتدي الحجاب وتتحدث بالدين والشريعة وتتهجم على غيرها والغريب بعد فترة خلعت الحجاب وعادت الى وضعها الطبيعي وهذه حالة عامة لكثير من الممثلات والاعلاميات المصريات !
أرادت مقدمة البرنامج أن تظهر الى المشاهد بأن العلوم الروحانية ليست أكثر من تخاريف وأن القائمين عليها هم أشخاص مشعوذين ودجالين ، ولهذا الغرض وجب عليها ان تعمل دراما تشد المشاهد وتحقق من خلالها الفكرة ، فأدعت بأنها متعبة نفسيا وزوجها قد هجرها وهي جائت الى العالم الروحاني لكي يساعدها في تخطي الحالة وان يرجع زوجها لها (طبعا هذا كله تمثيل وغير صحيح) وهي ارادت من ذلك أستجواب الروحاني ان كان بأمكانه علاجها ام لا وكم يكلف ماليا ؟ والاخر بدوره تفاعل مع الحالة امامه وأبلغها بأنه قادر على ارجاع زوجها وعلاجها وبمبلغ معين.
هي أرادت أن تظهر الى الناس بأن الروحانيين دجالين وغير صادقين حيث أستضافت في نفس الحلقة وبمقطع اخر مجموعة من المثقفين ورجل دين وبدأوا الحديث وكحال المثقفين والاعلاميين المصريين الذين يجهلون أداب الحديث فيتحول حوارهم الى جدالات وصراخ وصياح امام عدسة الكاميرا ... وفي النهاية أرادت ان توصل الفكرة بأن الروحانيين دجالين وماديين وغير صادقين. والسؤال المطروح والمهم ... هل كنت انت يا مقدمة البرنامج المحترمة صادقة مع المقابل ؟ وهل عرضت مشكلتك بمصداقية ؟ قمة الجهل والغباء عندما يقحم الانسان نفسه بعلم لا يعرف قواعده ولا أصوله ، ان الصدمة الحقيقية لهذه الأعلامية هي عندما تعرف بأنه في اي عمل روحاني وجب المصداقية وبدون مصداقية بعرض المشكلة ابدا لا يتم العلاج او العمل الروحاني .... اما الرجل او العالم الروحاني فيعتمد بالدرجة الاولى على كلامك وعلى اساسه يشخص الحالة ويعطي العلاج ، واذا كنت انت كاذبة فكيف عليه معالجتك ؟؟؟
والمعالج الروحاني لا يفرق عن المعالج بالطب البشري والطبيب الناجح هو الذي يستمع الى تشخيص مريضه قبل معالجته ... فاذا كانت معدتك تؤلمك وكذبت على الطبيب وقلت بأن رأسك تولمك فان الطبيب اذا كان ناجحا فسيعطيك علاج الى الام الرأس.
ان علم الروحانيات ليس كاسبر ولا علاء الدين والمصباح السحري ، انما علم له أصوله وقواعده ويعتمد على ثلاثة (الباعث والمستقبل والوسط الناقل) وأي خلل في اي واحدة من الثلاثة يفشل العمل الروحاني بالكامل ويعتمد على المصداقية الكاملة بنقل المشكلة والصورة.
وأن المعالج الروحاني شخص ممتهن حاله حال اصحاب المهن الاخرى فيهم الجيد والغير جيد ، كما أنني أعتقد بأن مقدمة البرنامج ومعده والقائمين عليه أثبتوا فشلهم من خلال هذه الحلقة لانهم يجهلون قواعد وأصول العلوم الروحانية ، كان بأمكانهم ان يوثقوا الفكرة بصيغة مختلفة لكن كان همهم الأكبر هو كيف أستقطب أكبر عدد من المشاهدين بدون دراية وموضوعية.أن هذه الحالة قد نجدها تتكرر في فضائيات متعددة ونجد مقدمة البرنامج تتبجح بالكذب امام الكاميرا لكنها في حقيقة الأمر ان هجرها زوجها فلن تتوارى مسرعة الى العالم الروحاني لكي يرجع لها زوجها او يساعدها في أن لا يتزوج عليها في المستقبل !!!